أنظمة الإنارة الذكية المعتمدة على إنترنت الأشياء: كيف تقلل فواتير الطاقة وتجني الأرباح؟
تقنيات تدرّ دخلاً:
إضاءة المستقبل: توفير وأرباح في آن واحد:
هل تخيلت يوماً أن تتحول الإضاءة في منزلك أو مدينتك من مجرد استهلاك للطاقة إلى مصدر للوفر المالي وتحقيق الأرباح؟ لم يعد هذا حلماً بعيد المنال، فمع بزوغ عصر إنترنت الأشياء، أصبحت أنظمة الإنارة الذكية تمثل ثورة حقيقية.
إنها ليست فقط وسيلة لخفض فواتير الطاقة بشكل كبير، بل هي أيضاً منصة قوية لابتكار تقنيات تدر دخلاً جديداً، مما يفتح آفاقاً غير مسبوقة للمنازل، المباني الذكية، والمدن الذكية على حد سواء. هذه الأنظمة تتجاوز مجرد توفير الإضاءة لتقدم فوائد متعددة تشمل تعزيز الأمان وتحسين الراحة، وتوفر إمكانية التحكم عن بُعد والتخصيص الشامل.
إن دمج إنترنت الأشياء يحوّل الإضاءة من مجرد أداة سلبية إلى نظام ديناميكي متفاعل، مما يعيد تعريف البنية التحتية بشكل أساسي، محولاً إياها إلى أصل غني بالبيانات يساهم بنشاط في الكفاءة التشغيلية والنمو الاقتصادي بدلاً من أن يكون مجرد مركز تكلفة.
 |
| أنظمة الإنارة الذكية المعتمدة على إنترنت الأشياء: كيف تقلل فواتير الطاقة وتجني الأرباح؟ |
إنارة الذكية المعتمدة على إنترنت الأشياء ومكوناتها الأساسية:
تُعرف أنظمة الإنارة الذكية بأنها حلول إضاءة متطورة يمكن التحكم فيها ومراقبتها عن بُعد، وتتكيف تلقائياً مع الظروف المحيطة والاحتياجات البشرية.
كمايكمن جوهر هذه الأنظمة في اعتمادها على مبدأ إنترنت الأشياء (IoT)، الذي يُعرف بأنه شبكة من الأجهزة المادية المزوّدة بمستشعرات وبرمجيات وقدرات اتصال، تمكنها من جمع البيانات وتبادلها والتفاعل مع البيئة دون تدخل بشري مباشر.
يتكون هيكل إنترنت الأشياء الذي تدعمه أنظمة الإنارة الذكية من عدة مكونات أساسية:
أولاً:المستشعرات (Sensors) التي تجمع البيانات من البيئة المحيطة، مثل :مستشعرات الحركة، مستشعرات الضوء، ومستشعرات درجة الحرارة وجودة الهواء.
ثانياً:الاتصالات (Connectivity) التي تنقل البيانات عبر تقنيات لاسلكية مثل Wi-Fi، بلوتوث، Zigbee، وLoRaWAN، بالإضافة إلى "البوابات" (Smart IoT Hubs/Gateways) التي تربط الأجهزة بالسحابة.
ثالثاً:تُنقل البيانات إلى الحوسبة السحابية (Cloud Computing) للمعالجة والتخزين.
رابعاً:تستخدم خورزميات تحليل البيانات، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، لاستخلاص الرؤى واتخاذ القرارات.
خامسًا:المحركات أو المشغلات (Actuators) التي تنفذ الأوامر مثل تشغيل الأضواء أو تعتيمها. وأخيراً، تتيح
واجهة المستخدم (UI) تُمكّن الأفراد من التفاعل بسلاسة مع الأنظمة الذكية، سواء من خلال تطبيقات الهواتف الذكية أو باستخدام الأوامر الصوتية، مما يعزز سهولة الاستخدام وتجربة المستخدم.
اقرأ أيضا : أجهزة إنترنت الأشياء القابلة الارتداء في الرعاية الصحية: نماذج أعمال مبتكرة
تُستخدم أنظمة الإضاءة الذكية لإدارة الطاقة بكفاءة في المنازل الذكية، ولتحسين إنارة الشوارع ومراقبة البيئة وتدفق المرور في المدن الذكية، كما تُعزز الأداء التشغيلي وتخفض التكاليف في المباني التجارية والصناعية.
ب/ آليات توفير الطاقة: تقليل فواتير الكهرباء بذكاء:
تُحقق أنظمة الإنارة الذكية وفورات هائلة في فواتير الطاقة من خلال الدمج بين التحكم الآلي، تقنية LED عالية الكفاءة، ومراقبة استهلاك الطاقة في الوقت الفعلي عبر العدادات الذكية، مع دراسات حالة تُظهر تخفيضات تتراوح بين 30% و80%.
تُعد القدرة على التحكم الآلي في الإضاءة وتعتيمها من أبرز آليات توفير الطاقة. فبفضل مستشعرات الحركة ومستشعرات الضوء المحيط، يمكن للنظام تشغيل الأضواء فقط عند الحاجة، وإيقافها تلقائياً عند خلو المناطق.
كما يمكن تعديل شدة الإضاءة بناءً على الضوء الطبيعي، مما يقلل من الإضاءة الاصطناعية غير الضرورية ويحسن كفاءة الطاقة. في إضاءة الشوارع، يمكن تعتيم الأضواء بنسبة تصل إلى 30% عند وجود عدد أقل من الأشخاص أو السيارات، مما يحسن استخدام الطاقة وفقاً للظروف المتغيرة.
كفاءة الطاقة في إضاءة الشوارع، يمكن تعتيم الأضواء بنسبة تصل إلى 30% عند وجود عدد أقل من الأشخاص أو السيارات، مما يحسن استخدام الطاقة وفقاً للظروف المتغيرة.
تُعتبر مصابيح LED حجر الزاوية في أنظمة الإنارة الذكية بفضل كفاءتها في استخدام الطاقة وعمرها الافتراضي الطويل. تُظهر الدراسات أن التحول إلى مصابيح LED يمكن أن يقلل من استهلاك الطاقة بنسبة تصل إلى 50% مقارنة بالمصابيح التقليدية.
فعلى سبيل المثال،تستهلك لمبة LEDفي إشارةالمرور10واط فقط، بينما تستهلك اللمبة العادية 150 واط، مما يعني توفيراً يتراوح بين 82% إلى 93%.
تتيح عدادات إنترنت الأشياء الذكية التقاط ونقل بيانات استهلاك الطاقة في الوقت الفعلي، مما يمكّن من المراقبة والتحكم عن بُعد.
إن هذا يسمح بتحليل البيانات في الوقت الفعلي، والصيانة التنبؤية، وتحسين الكفاءة التشغيلية. يمكن للمستخدمين مراقبة أنماط استخدامهم للطاقة وتحسينها، كما تسهل هذه العدادات برامج الإستجابة للطلب، حيث يمكن لمزودي الطاقة تعديل الإمداد ديناميكياً بناءً على البيانات الفورية.
تُظهر العديد من دراسات الحالة التأثير المالي الكبير لأنظمة الإنارة الذكية، على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي التبديل إلى مصابيح LED في الشوارع إلى تقليل استهلاك الطاقة بنسبة تصل إلى 50%، وتؤدي إضافة الإدارة الذكية عن بُعد إلى زيادة ذلك بنسبة تصل إلى 80% لبعض التطبيقات.
كماتحقق المنازل الذكية تخفيضاً يصل إلى 30% في استهلاك الطاقة المرتبط بالإضاءة. كمثال ملهم، تمكن مبنى إمباير ستيت في نيويورك من تقليص استهلاك الطاقة بنسبة 38% وتوفير ما يعادل 4.4 مليون دولار سنوياً بفضل ترقية أنظمة الإضاءة لديه وعلى مستوى المدن، قامت مدينة بيلينزونا السويسرية بتركيب أكثر من 2600 مصباح شارع ذكي، مما أدى إلى انخفاض استهلاك الطاقة بنسبة 50%.
ج/ تقنيات تدر دخلاً: تحويل الإضاءة إلى مصدر ربح:
لا تقتصر فوائد أنظمة الإنارة الذكية على توفير الطاقة فحسب، بل تمتد لتشمل فتح آفاق جديدة لتحقيق الأرباح عبر نماذج أعمال مبتكرة وخدمات القيمة المضافة.
تحقيق الدخل من البيانات وتحليلاتها كخدمة (Data Monetization & Analytics as a Service):
في العصر الرقمي، تُعتبر البيانات بمثابة "النفط الجديد"، وتُعد أنظمة الإنارة الذكية من أهم مصادر استخراج هذه البيانات القيّمة.
فمن خلال المستشعرات المدمجة في تركيبات الإضاءة، يتم جمع كميات هائلة من البيانات في الوقت الفعلي حول الإشغال، حركة المرور، الظروف البيئية (درجة الحرارة، الرطوبة، جودة الهواء)، وحتى تتبع الأصول ومراقبة حالة السلع القابلة للتلف.
يمكن تحليل هذه البيانات باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لاستخلاص رؤى قيمة. يمكن بعد ذلك بيع هذه الرؤى كـ"خدمة تحليل البيانات" للجهات المعنية، مما يفتح مصادر دخل جديدة. فعلى سبيل المثال :
بالنسبةللمدن الذكية، يمكن بيع بيانات حركة المشاة والمرور لتحسين تدفق حركة المرور، وإدارة مواقف السيارات، والتخطيط الحضري.
أمابالنسبةفي المباني التجارية، تُستخدم بيانات أنماط الإشغال واستخدام المساحات لتحسين تخطيط المكاتب ورفع كفاءة إدارة المرافق، بل ويمكن بيع هذه البيانات كمصدر جديد للعائدات.
مفهوم الإضاءة كخدمة (Lighting as a Service - LaaS) يُقدّم نموذجاً مرناً يتيح للمستخدمين الاستفادة من أنظمة الإنارة الحديثة دون الحاجة للاستثمار الرأسمالي الكبير.
تُعد الإضاءة كخدمة (LaaS) نموذج عمل مبتكراً يكتسب زخماً كبيراً، ويُتوقع له أن يشهد نمواً ملحوظاً في السنوات القادمة.
في هذا النموذج، لا يقوم العميل بشراء أنظمة الإضاءة بشكل مباشر، بل يتعاقد مع مزود خدمة يتولى مسؤولية التخطيط، التصميم، الشراء، التركيب، والصيانة لأنظمة الإضاءة الموفرة للطاقة والتحكم فيها.
يقوم العملاء ضمن هذا النموذج بدفع رسوم دورية، سواء كانت شهرية أو سنوية، مما يُجنبهم الأعباء المالية المرتبطة بتكاليف التأسيس المرتفعة .
يعتمد نموذج LaaS على الإيرادات المتكررة من الرسوم الدورية، مما يوفر تدفقاً نقدياً مستقراً للمزود. يخفف هذا النموذج عن الأفراد والشركات عبء شراء وإدارة معدات الإضاءة، مما يجعله جذاباً بشكل خاص للمدن والشركات التي تسعى لتبني الإضاءة الذكية ولكنها تواجه تحديات التكلفة الأولية المرتفعة.
تبلغ قيمة سوق الإضاءة الذكية العالمية أكثر من 14 مليار دولار أمريكي في عام 2023، ويُقدر أن يسجل معدل نمو سنوي مركب يزيد عن 15% بين عامي 2024 و2032.
د/ تعزيز السلامة والأمان وخدمات القيمة المضافة:
تُسهم أنظمة الإنارة الذكية بشكل كبير في تعزيز السلامة والأمان، مما يفتح الباب أمام خدمات القيمة المضافة التي يمكن أن تدر دخلاً إضافياً. يمكن لهذه الأنظمة زيادة مستويات الضوء في المناطق المزدحمة أو في حالة وقوع أحداث غير متوقعة، مما يقلل من الحوادث والجرائم.
فعلى سبيل المثال، أظهرت الأبحاث أن إطفاء مصابيح الشوارع في أوقات معينة يقلل من الجرائم المتعلقة بالسيارات بنسبة 50% تقريباً.
تتيح أنظمة الإنارة الذكية دمج مستشعرات بيئية، وأنظمة إستجابة للطوارئ، وأنظمة أمنية، مما يوفر منصة مركزية لإدارة ومراقبة أجهزة وتطبيقات المدن الذكية المختلفة. يمكن أن تتضمن هذه الخدمات:
المراقبة الأمنية (دمج الكاميرات الذكية ومستشعرات الحركة)، خدمات الطوارئ (زر ذعر يدفع تنبيهات)، إدارة حركة المرور (تقليل الإزدحام وتوجيه السير)، ومراقبة البيئة (مراقبة درجة الحرارة، الرطوبة، الضوضاء، وجودة الهواء).
هـ/ تحسين الإنتاجية وزيادة المبيعات:
تُعد الإضاءة عنصراً حاسماً يؤثر بشكل مباشر على بيئة العمل وتجربة المستهلك، وبالتالي على الإنتاجية والمبيعات. تُسهم أنظمة الإنارة الذكية في تحسين هذه الجوانب بشكل ملموس، مما يفتح آفاقاًلتحقيق الأرباح غير المباشرة والمباشرة.
تأثير على إنتاجية الموظفين: تؤكد الدراسات أن الموظفين الذين يعملون في بيئة مضاءة بشكل جيد يميلون إلى أن يكونوا أكثر إنتاجية. الإضاءة المناسبة تقلل من إجهاد العين وتحسن التركيز، بينما الإضاءة السيئة يمكن أن تسبب الصداع وإضطرابات النوم.
تتيح أنظمة الإنارة الذكية تعديل شدة الإضاءة وتغيير الألوان بما يتوافق مع طبيعة العمل أو أجواء المكتب، ما يساهم في تحسين الأداء وتعزيز الإنتاجية بشكل ملموس.
تأثير على سلوك المستهلك وزيادة المبيعات: في قطاع التجزئة، تلعب الإضاءة دوراً محورياً في جذب العملاء والتأثير على قرارات الشراء. المتجر المضاء جيداً يدعو العملاء إليه ويسمح لهم بإلقاء نظرة مفصلة على المنتجات، مما يخلق الثقة ويشجع على قضاء وقت أطول في المتجر.
الإضاءة الجيدة تمكن العملاء من فهم التفاصيل الدقيقة لتصميم المنتج، مما يزيل الالتباسات المتعلقة بالجودة ويشجع على الشراء، كما تؤثر الأضواء على الحالة المزاجية للموظفين والعملاء، واستخدام الألوان ودرجات الحرارة المناسبة يزيد من كفاءة الموظفين في التواصل مع العملاء وبالتالي زيادة المبيعات.
و/ خاتمة: نحو مستقبل أكثر إشراقاً وربحية:
في ختام هذا الاستعراض الشامل، يتضح أن أنظمة الإنارة الذكية المدعومةبإنترنت الأشياء تمثل أكثر من مجرد تطور تكنولوجي؛ إنها تحول جذري في كيفية إدارة الطاقة وخلق القيمة.
لقد أثبتت هذه الأنظمة قدرتها الفائقة على خفض فواتير الطاقة بشكل ملموس، مع دراسات حالة تؤكد وفورات تتراوح بين 30% إلى 80%، وذلك بفضل الدمج الذكي لمصابيح LED عالية الكفاءة والمستشعرات المتقدمة التي تتيح التحكم الآلي والتكيفي.
إن تبني أنظمة الإنارة الذكية ليس مجرد خيار مستقبلي، بل هو ضرورة حالية للمؤسسات والأفراد الذين يسعون إلى الاستدامة والكفاءة والنمو الاقتصادي. إنها دعوة للتفكير في الإضاءة كأصل إستراتيجي، وليس مجرد تكلفة تشغيلية.
ندعوكم لمعرفة كيف يمكن لهذه التقنيات أن تُضيء طريقكم نحو مستقبل أكثر كفاءة، أماناً، وربحية. شاركونا أفكاركم وتجاربكم، وكيف ترون أن أنظمة الإنارة الذكية ستشكل مدننا ومنازلنا في السنوات القادمة؟
اقرأ أيضا : حلول إنترنت الأشياء لإدارة الطاقة في المباني: كيف تساهم في الاستدامة وتحقق ربحًا؟
هل لديك استفسار أو رأي؟
يسعدنا دائمًا تواصلك معنا! يمكنك إرسال ملاحظاتك أو أسئلتك عبر صفحة [اتصل بنا] أو من خلال البريد الإلكتروني الخاص بنا، وسنكون سعداء بالرد عليك في أقرب وقت.
